تأتي من الصين والهند وتدخل بطريقة غير قانونية إلى الجزائر
مستحضرات بعقاقير وأعشاب قد تؤدي إلى الموت أكثر مما تجلب الشفاء
بعيدا عن أعين مصالح الرقابة المختصة يعيث تجار العقاقير والأعشاب الطبية ''فسادا'' في هذه التجارة غير الشرعية، بحيث أضحت السوق المحلية تشهد تدفقا غير مسبوق لهذه المستحضرات القادمة من عدة مناطق من العالم وتحديدا من بلدان شرق آسيا بطرق غير قانونية.رغم تسجيل الجهات الطبية لحالات تسمم كثيرة، نتيجة تناول هذه العقاقير، فإن المواطن الجزائري المعروف بتقديسه للطب التقليدي، حين تختلط عليه الأمور ويفقد ثقته في وسائل الطب الحديث يستنجد بأصحاب ''المعجزات''، الذين يقترحون عليه وصفات ''سحرية'' لم يثبت نجاعتها في الميدان لكن المرضى يعتقدون في قدرتها على علاج الأمراض ولو كانت مزمنة.عمادة الأطباء تتبرّأ من ممارسة طب الأعشاب
تبرّأ رئيس مجلس أخلاقيات الطب، محمد بقاط بركاني، من الأطباء الذين ينشطون في مجال المتاجرة بالمواد شبه الصيدلانية ومحلات التداوي بالأعشاب، مشددا على إحالة كل طبيب يثبت احترافه لهذه المهنة على مجلس التأديب وفي المقابل دعا وزارة التجارة إلى فتح تحقيق معمق في مصادر هذه المنتوجات ذات الاستعمال الطبي التي تصل إلى السوق الجزائرية دون خضوعها لأي رقابة.وقال المتحدث في تصريح لـ''الخبر''، بأن السنوات الأخيرة عرفت انتشارا واسعا لدكاكين بيع المواد شبه الصيدلانية والمستحضرات النباتية مجهولة المصدر مفسرا الإقبال الكبير للمواطن عليها باعتقاده الخاطئ لوجود علاقة مع ما يعرف بالطب النبوي، وهو الأمر الذي جعل فئة ''الانتهازيين'' يستغلون حسبه حيرة المرضى، الذين لم ينفعهم العلاج الكلاسيكي لإيهامهم بوجود طريق آخر للشفاء بواسطة استخدام العلاج التقليدي المعتمد على مستخلصات النباتات والأعشاب.
وشدّد الدكتور بقاط على أهمية تفعيل دور الرقابة في هذا المجال وهي العملية، التي ينبغي لها أن تشمل، كما أضاف شقين، رئيسين؛ الأول يخص وضع حد لنشاط الأطباء، الذين يثبت امتهانهم لحرفة المداواة بالأعشاب لأن ذلك يعتبر ''غشّا'' فضلا عن كونه أمرا مخالفا للقوانين السارية وموازاة مع هذا حث مصدرنا على ضرورة تسليط الضوء في مرحلة ثانية على دكاكين بيع الأعشاب التي أضحت تقدم وصفات طبية لمعالجة أمراض عديدة في مقابل تسجيل حالات للتسمم تعاز أساسا إلى عدم مرور هذه المستحضرات على المخابر الرسمية.
عقاقير مخالفة للشروط الصحية والتجارية في الأسواقوتعد ولاية الجزائر واحدة من أهم المدن التي تشهد في المدة الأخيرة ''تكاثرا غير مسبوق'' لمحلات العلاجات العشبية، والمتاجر التي تبيع منتجات شبه طبية، وتدفقا غير مسبوق لعقاقير مختلفة مجهولة المصدر، تعرض على أنها مستحضرات نباتية طبيعية تعالج عدة اختلالات جسدية كالسمنة والنحافة والضعف الجنسي إلخ.
وقد تطورت الأمور بشكل ''خطير'' عندما أضحت السوق تزود بمستحضرات طبيعية مستوردة في من الصين على وجه الخصوص، تباع للمستهلك بأثمان جد باهضة، تصل العلبة الواحدة منها إلى 2500 دينار، وهي تحمل على وسم غلافها المستحضرات المكونة للمادة، باللغة الصينية، ولا وجود لمعلومات عن مؤشرات الاستخدام، مما يشكل ضررا كبيرا على صحة المواطنين.والسؤال الذي يطرح نفسه؛ كيف للمواطن وحتى إن كان ذو مستوى علمي هام، أن لا يخلط بين كل هذه العقاقير واستعمالاتها عند عرض المادة بلغة البلد المصدر؟ علما أن هذا يعد خرقا للمرسوم التنفيذي رقم 05ـ484 المؤرخ في 22 ديسمبر 2005، والمتعلق بوسم السلع الغذائية وعرضها.أمراض مزمنة.. والشفاء مضمون في البليدة!
ظهر في ولاية البليدة مؤخرا نوع جديد من المعالجين ممن يدعون امتلاكهم لـ''سرّ'' علاج الأمراض المزمنة كالسكري والضغط الدموي والعجز الكلوي، إلى جانب أمراض أخرى كالقرحة المعدية وحتى السرطان وفتحوا لأجل ذلك عيادات لا تختلف كثيرا عن عيادات الأطباء وأصبحوا يستقبلون المرضى في مواعيد محددة.
عينات من هؤلاء رصدتهم ''الخبر'' في بني تامو، أمام إحدى الفيلات قدموا حسب لوحات الترقيم من أماكن بعيدة ينتظرون دورهم في الفحص من قبل طبيب قال عنه مرضاه إنه درس فنون العلاج بالأعشاب في الخارج، وكانت الدهشة عظيمة حينما علمنا بوجود طبيبة مختصة في طب العيون من بين المرضى، كشفت أنها قدمت إلى هذا العنوان لعلاج ابنها من داء السكري بعد أن استنفذت كل السبل في مداواته لدى المشافي العمومية والعيادات الخاصة. أما نور الدين الموظف السامي بجامعة الجزائر فقال عند فراغه من الفحص إنه جاء من العاصمة ليجد دواء لمرض أصاب جهازه الهضمي وأن الطبيب المداوي فحصه وإعطاء 04 قنينات بها خليط من العسل ومواد أخرى ودفع مقابل ذلك 600 دينار للقنينة الواحدة، لكنه في النهاية لا يعتقد في الشفاء على يد شخص غير متخرج من كليات الطب، وعلق بأن الأمر مجرد ممارسة لتجارة والضحك على أذقان الناس، مضيفا بأنه عاد إلى هذا الطبيب بسبب ضغط الأسرة.وفي مدينة بني مراد التي تحولت في مدة قصيرة إلى قبلة جديدة لمرضى السكري والعجز الكلوي والضغط الدموي خصوصا يتصلون به أنه السيد ''أحمد باي''، الذي تحصل على براءة الاختراع من قبل المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية بعد اختراعه لجهاز يصحح نشاط الخلايا المتوقفة عن عملها لأسباب مرضية وبالرغم من اعترافه بأنه باحثا وليس طبيبا، إلا أن المرضى، يقصدونه من كافة جهات الوطن بأعداد لا حصر لها ومن مختلف شرائح المجتمع تبحث عن ''الوصفة السحرية''. ويعترف مرضى التقت بهم ''الخبر'' أنهم أحسّوا بتحسن حالتهم الصحية وأن التحاليل المخبرية التي أجروها بعد حصص العلاج طمأنتهم بشفائهم وأدهشت في نفس الوقت الأطباء، والمثير للجدل أن المخترع صرح بأنه كان يتمنى أن يكون الاختراع في بلده ويتوسع في عمل منسق مع فريق طبي لتطويره والاستفادة منه في العلاج باعتباره دوما باحثا مخترعا وليس مختصا في التطبيب، لكنه يتأسف لتلقيه عروضا من جهات أجنبية اهتمت بما توصل إليه في بحوثه.
العمل/المهنة