التثاؤب.. مرض عضوي أم نفسي؟
أشارت دراسة علمية حديثة إلى أنّ التثاؤب مرض معدٍ سريع الانتقال من شخص لآخر بطريقة لا يمكن تخيلها!.. هو في الأساس مرض باعتبار أنّه سريع العدوى والانتقال.. فلو رأيت شخصاً فاتحاً فمه يغني أو يقرأ أو يتكلّم بطريقة ما، فإنّك لن تكرر المشهد لانّ العدوى لا تنتقل إليك هنا، ولكن لو كان الشخص المعني يتثاءب فإنّك ستتثاءب تلقائياً وتجد نفسك تفتح فمك مثله، وربّما أشد منه وقد تجد أن دموعاً نزلت من عينيك!!
وهكذا إذا كنت في مجموعة ورأيت شخصاً يتثاءب فإنك ستتثاءب مثله، ومَنْ يجلس بجانبك سيتثاءب مثلك وفي خلال دقائق ستجد الجميع يتثاءبون وكأن وباءً حل بهم جميعاً!
والتثاؤب لدى معظم الناس دلالة على الرغبة في النوم لكن الحقيقة هي غير ذلك، فقد تبدأ في التثاؤب من دون رغبة في النوم ولكن لمجرد أنك شاهدت شخصاً يفعل ذلك.
وتذهب الدراسات أبعد من ذلك، وتقول إنّ عدوى التثاؤب تنتقل إليك إذا بدأت تقرأ عنه أو شاهدت صورة لشخص يفعل ذلك، ويمكن تعريف التثاؤب بأنّه فتح الفم بطريقة لا إرادية لأخذ كمية كبيرة من الأوكسجين.. وعند فتح الفم تضغط عضلات الوجه والفكين بشكل كبير على القنوات الدمعية، فينزل الدم مع التثاؤب وهذه ظاهرة صحية يحتاج إليها الإنسان لتنظيف القنوات الدمعية من الأملاح أو أية شوائب قد تصل إليها.
- ولكن، هل هو مرض نفسي؟تشير الدراسات العلمية إلى أنّ التثاؤب أقرب ما يكون إلى المرض النفسي منه إلى المرض العضوي، فالإنسان يتأثر بالتثاؤب نفسياً من المحيط حوله، وفيما ترى الدكتورة (آراك وليمز) أنّ التثاؤب ما هو إلا انفعال وجداني وتعاطف مع الآخرين بشكل طبيعي يقول الدكتور (فردريك هانس) إنّه ليس انفعالاً فقط بل مرضاً نفسياً أيضاً؛ فالإنسان عندما يشاهد شخصاً يتثاءب فإنّه يفعل مثله ويقلده بسبب الانفعالات الداخلية والسيكولوجية للمتلقي، فأنت قد تتثاءب إذا شاهدت شخصاً يتثاءب في التلفزيون، وقد يكون هذا الشخص بعيداً عنك مئات الآلاف من الأميال، لكن رؤيتك له تجعلك تتأثر سيكولوجياً وتتفاعل معه وبالتالي تتثاءب مثله.
ويشير الدكتور هانس إلى إمكانية الإستفادة من ظاهرة التثاؤب هذه وتقليد الآخرين لها بشكل تلقائي في علاج الأشخاص المصابين بانفصام في الشخصية أو الأشخاص الانطوائيين، وجعلهم يقلدون الأصحاء في حركاتهم وتصرُّفاتهم بعد دراستها بشكل جيِّد لعل ذلك يساعدهم على الشفاء مما هم فيه من مرض.
ويؤكِّد الدكتور هانس أنّ أكثر من سيستفيد من ظاهرة التثاؤب لتصبح علاجاً هم المصابون بالتوحُّد، وأنّ المستقبل القريب سيشهد دراسة إيحاءات التثاؤب والاستفادة منها في علاج الأطفال الذين يعانون مرض التوحُّد والانطواء..
ويعمل التثاؤب على تنشيط القلب والدماغ حيث يؤدِّي إلى إدخال كميات كبيرة من الأوكسجين إلى الدم في فترة لا تتجاوز (11-15) ثانية. وتقوم هذه الكمية بطرد ثاني أوكسيد الكربون وتنقية الدم، إضافة إلى تزويد البنكرياس بالكمية التي يريدها من الأوكسجين لإنتاج الأنسولين.إنّ دخول الأوكسجين بشكل كبير وفي فترة قصيرة جدّاً ينشّط خلايا الدماغ التي يصلها الأوكسجين، فكما هو معروف فإنّ الإنسان عندما يشعر بكسل ويبدو دماغه غير مركز بشكل جيِّد على موضوع معيّن فإنّ الأطباء ينصحونه والحالة هذه بإستنشاق كمية كبيرة ونقية من الأوكسجين من خلال الجلوس في ممر متجدد الهواء أو الجلوس تحت شجرة كبيرة أو في حديقة.. إلى غير ذلك. وفي حالة التثاؤب، فإنّ الجسم يأخذ أكثر من حاجته من الأوكسجين، وهذا ما يجعل عضلات القلب أكثر نشاطاً وقدرة على ضخ كميات إضافية من الدم النقي المشبع بالأوكسجين إلى كافة أعضاء الجسم.ولأنّ التثاؤب معدٍ فقد وصفوه بأنّه مرض، ولكيلا تُعدي غيرك بهذا المرض عليك أن تضع يدك على فمك عند التثاؤب، على رغم أنّ ذلك قد لا يجدي نفعاً في تجنيب الآخرين التثاؤب، فإنّه أفضل من أن تترك فمّك مفتوحاً، إضافة إلى أنّ التثاؤب المستمر يؤدِّي إلى شعور الإنسان بالتعب في الحجاب الحاجز؛ لذا فمن الأفضل عند الرغبة بالتثاؤب بشكل مستمر أن تخرج من الجو الذي أنت فيه إلى جو فيه أوكسجين أكثر؛ فعلاج التثاؤب هو أخذ كمية من الأوكسجين وليس النوم كما يظن بعض الناس.